النفاس: مدته وكيفية العناية بالنفس بعد الولادة
تمر المرأة بعد الولادة بفترة حرجة تُعرف بـ"النفاس"، وهي مرحلة فسيولوجية ونفسية هامة، تبدأ مباشرة بعد الولادة وتستمر لعدة أسابيع. ورغم أنها مرحلة طبيعية، إلا أن العناية الجيدة بالنفس خلالها تُعد أساسية لضمان التعافي السليم واستعادة القوة الجسدية والنفسية.
في هذا المقال الشامل، سنتناول كل ما يتعلق بمرحلة النفاس: من حيث المدة، التغيرات التي تمر بها المرأة، كيفية العناية بالجسم والعقل، وأهم النصائح لتجاوز هذه المرحلة بسلام وصحة.
ما هو النفاس؟
النفاس هو الفترة الزمنية التي تلي الولادة، سواء كانت طبيعية أو قيصرية، وتستمر عادة لمدة 40 يومًا. خلال هذه الفترة، يمر جسم المرأة بتغيرات جسدية وهرمونية تهدف إلى العودة إلى الوضع الطبيعي الذي كان عليه قبل الحمل، كما تُعد مرحلة حاسمة لتعافي الرحم، والتئام الجروح، واستقرار الحالة النفسية.
مدة النفاس: كم تستغرق؟
في الغالب، تستمر فترة النفاس حوالي 6 أسابيع (أي 40 يومًا تقريبًا).
قد تختلف هذه المدة من امرأة لأخرى تبعًا لنوع الولادة، والحالة الصحية العامة.
في بعض الحالات، قد يمتد النفاس إلى 60 يومًا، خصوصًا بعد الولادة القيصرية أو في حالات المضاعفات.
المراحل التي تمر بها المرأة خلال النفاس
1. الأسبوع الأول بعد الولادة:
نزيف مهبلي كثيف (الهلابة).
تعب شديد وألم في مواضع الجرح.
تقلبات مزاجية.
2. الأسبوع الثاني إلى الرابع:
يبدأ النزيف في التراجع.
يستعيد الجسم بعضًا من نشاطه.
قد تظهر أعراض اكتئاب خفيف.
3. الأسبوع الخامس إلى السادس:
عودة الرحم إلى حجمه الطبيعي.
التئام الجروح (مهبلية أو قيصرية).
تحسن الحالة النفسية تدريجيًا.
التغيرات الجسدية خلال النفاس
1. نزيف النفاس (الهلابة):
طبيعي ويستمر من 2 إلى 6 أسابيع.
يبدأ غزيرًا بلون أحمر، ثم يتحول إلى بني ثم أصفر.
2. تقلصات الرحم:
تُعرف بـ"آلام ما بعد الولادة".
تحدث نتيجة عودة الرحم إلى حجمه الطبيعي.
3. تغيرات الثدي:
امتلاء الحليب والشعور بالاحتقان.
إمكانية حدوث التهابات أو تشققات في الحلمات.
4. الإمساك والغازات:
شائع بعد الولادة بسبب التغيرات الهرمونية وقلة الحركة.
التغيرات النفسية في فترة النفاس
تمر المرأة بتقلبات نفسية ملحوظة، منها:
تقلبات المزاج.
القلق والتوتر بشأن الطفل.
الشعور بالحزن أو الوحدة.
في بعض الحالات: اكتئاب ما بعد الولادة.
متى يكون الأمر خطيرًا؟
إذا استمرت الأعراض لأكثر من أسبوعين، أو شعرتِ برغبة في البكاء المستمر، أو عدم الرغبة في رعاية الطفل، يجب استشارة طبيب نفسي.
العناية بالنفس خلال فترة النفاس
أولًا: العناية الجسدية
1. الراحة التامة:
خذي قسطًا كافيًا من الراحة.
تجنبي الأعمال المنزلية المجهدة.
2. تنظيف المنطقة الحساسة:
بعد كل دخول للمرحاض.
باستخدام ماء دافئ فقط دون صابون.
تجفيف المنطقة بلطف لتفادي الالتهابات.
3. العناية بالجرح (قيصري أو شق مهبلي):
تعقيم الجرح ومتابعة التئامه.
عدم حمل أشياء ثقيلة.
ارتداء ملابس قطنية فضفاضة.
4. الوقاية من الإمساك:
الإكثار من الألياف.
شرب الماء بكميات كافية.
المشي الخفيف يساعد في تنظيم حركة الأمعاء.
ثانيًا: العناية النفسية
1. تقبلي مشاعرك:
لا تخجلي من الشعور بالتعب أو البكاء.
تحدثي مع من تثقين به حول حالتك.
2. الحصول على الدعم:
الدعم الأسري مهم جدًا.
شاركي شريك حياتك في رعاية الطفل.
3. عدم العزلة:
تحدثي مع صديقاتك، زوري الأهل.
الانضمام لمجموعات دعم الأمهات.
4. طلب المساعدة الطبية عند الحاجة:
لا تترددي في زيارة طبيب نفسي أو أخصائية نفسية إذا شعرتِ بالاكتئاب.
التغذية الصحية في النفاس
ماذا يجب أن تأكلي؟
الأطعمة الغنية بالحديد (مثل الكبد، السبانخ) لتعويض فقدان الدم.
السوائل والماء بكثرة لتعزيز الرضاعة ومنع الإمساك.
الأطعمة الغنية بالبروتين (كالبيض واللحوم والبقوليات).
الخضروات الورقية والفواكه لتعزيز جهاز المناعة.
ما يجب تجنبه:
الأطعمة المقلية أو الحارة.
المشروبات الغازية والكافيين الزائد.
السكريات الصناعية.
الرضاعة الطبيعية وفترة النفاس
الرضاعة تساعد على تقليص الرحم بشكل أسرع.
تحفز إفراز هرمون "الأوكسيتوسين" الذي يُحسن الحالة المزاجية.
تزيد من الترابط بين الأم والطفل.
نصائح للرضاعة:
الرضاعة كل 2-3 ساعات.
تغيير وضعيات الرضاعة لتقليل الألم.
استخدام كمادات دافئة لتخفيف احتقان الثدي.
متى تعود الدورة الشهرية بعد النفاس؟
إذا كنتِ ترضعين طبيعيًا، قد تتأخر الدورة لعدة أشهر.
في حال عدم الرضاعة، قد تعود الدورة بعد 6 إلى 8 أسابيع.
لا يعني غياب الدورة عدم وجود تبويض، لذا يُنصح باستخدام وسيلة منع حمل آمنة حسب استشارة الطبيب.
العلاقة الزوجية بعد النفاس
يُنصح بالانتظار حتى انتهاء النفاس وشفاء الجرح تمامًا.
المدة المقترحة: بعد 6 أسابيع، أو حسب توصية الطبيب.
من الطبيعي وجود جفاف مهبلي أو عدم الرغبة في العلاقة مؤقتًا.
التمارين الرياضية بعد الولادة
يمكن البدء بالمشي الخفيف بعد أسبوعين (حسب نوع الولادة).
تمارين قاع الحوض (كيجل) مفيدة جدًا.
لا تمارسي الرياضة الشديدة إلا بعد استشارة الطبيب.
علامات تستدعي زيارة الطبيب خلال النفاس
استمرار النزيف الغزير بعد الأسبوع الأول.
وجود رائحة كريهة في الإفرازات.
حمى أو قشعريرة.
ألم شديد في البطن أو الجرح.
تغير في الحالة النفسية بشكل مفاجئ.
أهم الأسئلة الشائعة حول النفاس
هل يمكن الحمل خلال فترة النفاس؟
نعم، حتى قبل عودة الدورة الشهرية، لذا يجب استخدام وسيلة منع حمل.
هل يمكن الاستحمام خلال النفاس؟
نعم، لكن يجب تجنب البقاء طويلًا في المياه الساخنة، ومراعاة نظافة الجرح.
ما الفرق بين الإفرازات الطبيعية والغير طبيعية خلال النفاس؟
الإفرازات الطبيعية تتغير من الأحمر إلى البني ثم الأصفر، أما الإفرازات ذات الرائحة الكريهة أو اللون الأخضر فتستدعي زيارة الطبيب.
نصائح ذهبية لكل أم في فترة النفاس
لا تتجاهلي ألمك الجسدي أو النفسي.
خذي وقتك في التعافي ولا تقارني نفسك بغيرك.
الراحة والتغذية الجيدة أهم من مظهر البيت أو إرضاء الآخرين.
تقبلي الدعم والمساعدة ممن حولك.
كوني لطيفة مع نفسك.
خاتمة
فترة النفاس ليست فقط مرحلة للتعافي الجسدي، بل هي أيضًا فترة لإعادة التوازن النفسي والعاطفي. لا تقللي من أهمية العناية بنفسك، وامنحي جسدك وعقلك الوقت الكافي للشفاء. أنتِ قوية، وما تمرين به طبيعي، وكل خطوة نحو العناية بنفسك هي خطوة نحو الأمومة السليمة والصحية.
