الشهر الثالث من الحمل والوحام: الأعراض الطبيعية والمقلقة
مقدمة حول الشهر الثالث من الحمل والوحام
يُعتبر الشهر الثالث من الحمل مرحلة انتقالية ومهمة في رحلة الأم الحامل، حيث تبدأ الأعراض بالاستقرار نسبيًا مقارنة بالشهرين الأولين، لكن في نفس الوقت يزداد وضوح بعض العلامات التي تُعرف بالوحام. يُشير مصطلح "الوحام" إلى مجموعة من التغيرات الجسدية والنفسية والسلوكية التي تمر بها الحامل، مثل الغثيان والرغبة الشديدة في أطعمة معينة، أو النفور من روائح محددة. في هذه المرحلة، تكون الأم بحاجة إلى معرفة الفرق بين الأعراض الطبيعية للوحام والأعراض المقلقة التي قد تُشير إلى مشكلة صحية تحتاج إلى تدخل طبي.
في هذا المقال سنتناول بالتفصيل كل ما يخص الوحام في الشهر الثالث من الحمل، من تعريفه وأسبابه، مرورًا بالأعراض الطبيعية والمقلقة، وصولًا إلى طرق التعامل معه ودور الزوج والعائلة في دعم الحامل، مع تصحيح بعض المعتقدات الخاطئة حول الوحام المنتشرة في مجتمعاتنا. المقال طويل ومفصل، يهدف إلى أن يكون دليلًا شاملاً للأم الحامل وأسرتها، ومصدرًا موثوقًا .
ما هو الوحام؟ تعريف علمي وشعبي
الوحام هو مصطلح شائع يُستخدم لوصف مجموعة من الأعراض التي تشعر بها الحامل خلال الثلث الأول من الحمل، وخاصة في الشهر الثالث. علميًا، يُعزى الوحام إلى التغيرات الهرمونية الكبيرة في جسم المرأة، حيث تؤثر هرمونات الحمل مثل البروجسترون والإستروجين على الجهاز الهضمي والمزاج وحاسة الشم والتذوق.
أما في الثقافة الشعبية، فالوحام يُفسَّر غالبًا على أنه "رغبة غريبة في أطعمة معينة"، أو "نفور شديد من روائح محددة"، وقد ارتبط بعدة خرافات مثل أن الوحام إذا لم يُلبَّ قد يترك أثرًا على شكل الجنين، وهو اعتقاد لا أساس علمي له.
الأعراض الطبيعية للوحام في الشهر الثالث من الحمل
1. الغثيان والقيء
الغثيان الصباحي هو العرض الأشهر في الشهر الثالث من الحمل. تشعر كثير من النساء برغبة في القيء خاصة عند الاستيقاظ من النوم أو عند شم بعض الروائح. هذا العرض طبيعي، وينتج عن ارتفاع هرمون الحمل hCG وتأثيره على الجهاز الهضمي.
2. الرغبة الشديدة في بعض الأطعمة
قد تجد الحامل نفسها في الشهر الثالث تشتهي أطعمة معينة بشكل مبالغ فيه، مثل الفواكه الحامضة أو المأكولات المالحة أو الحلويات. هذه الرغبة طبيعية، ويُعتقد أنها مرتبطة بحاجة الجسم لبعض العناصر الغذائية، أو نتيجة للتغيرات الهرمونية.
3. النفور من بعض الروائح
من الأعراض الطبيعية للوحام النفور الشديد من بعض الروائح مثل القهوة، العطور، أو رائحة الطبخ. هذا النفور قد يكون مزعجًا لكنه غالبًا يخف مع دخول الثلث الثاني من الحمل.
4. تغيرات المزاج
التقلبات المزاجية طبيعية في هذه المرحلة، حيث تشعر الحامل أحيانًا بالسعادة المفرطة وأحيانًا أخرى بالضيق أو البكاء بلا سبب واضح. السبب وراء ذلك هو الاضطراب الهرموني وتغير كيمياء الدماغ.
5. التعب والإرهاق
الإرهاق عرض طبيعي آخر في الشهر الثالث من الحمل، حيث يحتاج الجسم إلى طاقة إضافية لدعم نمو الجنين وتطور المشيمة.
الأعراض المقلقة للوحام التي تحتاج متابعة طبية
1. القيء المستمر والجفاف
إذا استمر القيء بشكل مفرط لدرجة أن الحامل لا تستطيع الاحتفاظ بالطعام أو السوائل، فقد يكون ذلك مؤشرًا على حالة تسمى القيء المفرط الحملي، وهي تحتاج إلى تدخل طبي سريع لتفادي الجفاف وسوء التغذية.
2. فقدان الوزن الملحوظ
خسارة الوزن الكبيرة خلال الشهر الثالث بسبب القيء المستمر أو فقدان الشهية ليست طبيعية، وتستدعي مراجعة الطبيب.
3. فقدان الشهية الشديد
عدم الرغبة في تناول الطعام بشكل تام قد يؤدي إلى نقص العناصر الغذائية المهمة لنمو الجنين.
4. الصداع والدوخة المتكررة
قد تكون هذه الأعراض مؤشرًا على مشاكل مثل فقر الدم أو انخفاض ضغط الدم.
5. النزيف أو التشنجات
أي نزيف مهبلي أو تقلصات قوية في الشهر الثالث من الحمل يجب التعامل معها بشكل جاد، فقد تُشير إلى تهديد بالإجهاض.
أسباب الوحام: بين النظريات العلمية والمعتقدات الشعبية
العلماء لم يتفقوا بشكل كامل على سبب الوحام، لكن توجد عدة تفسيرات:
التغيرات الهرمونية الكبيرة التي تؤثر على الشهية وحاسة الشم.
حاجة الجسم لبعض العناصر الغذائية.
العوامل النفسية مثل القلق والتوتر.
أما المعتقدات الشعبية فتربط الوحام بجنس الجنين، أو بظهور علامات معينة على جسم الأم، وهي كلها خرافات لا تستند إلى دليل علمي.
طرق التعامل مع الوحام في الشهر الثالث بشكل صحي
1. نصائح غذائية متوازنة
تناول وجبات صغيرة ومتكررة.
تجنب الأطعمة الدسمة والمقلية.
الإكثار من الفواكه والخضروات.
2. شرب الماء والسوائل
المحافظة على الترطيب أمر ضروري لتقليل الغثيان ومنع الجفاف.
3. الراحة والنوم الكافي
النوم المنتظم يساعد في تقليل التعب والتقلبات المزاجية.
4. ممارسة التمارين الخفيفة
مثل المشي أو اليوغا المخصصة للحامل، فهي تحسن الدورة الدموية وتخفف التوتر.
5. استشارة الطبيب عند الحاجة
أي أعراض غير طبيعية يجب مناقشتها مع الطبيب لتفادي المضاعفات.
الفرق بين الوحام الطبيعي والوحام المرضي
الوحام الطبيعي يتمثل في الغثيان المعتدل والرغبة في أطعمة معينة، بينما الوحام المرضي يكون مرتبطًا بأعراض مقلقة مثل القيء المستمر أو فقدان الوزن الكبير.
تأثير الوحام على صحة الجنين في الشهر الثالث
في الغالب، الوحام الطبيعي لا يؤثر سلبًا على الجنين. لكن إذا أدى إلى سوء تغذية أو فقدان سوائل، فقد يؤثر على نمو الجنين وتطوره.
دور الزوج والعائلة في دعم الحامل خلال الوحام
الدعم النفسي من الزوج والعائلة يساعد الحامل على تجاوز هذه المرحلة بسلام. تفهم التغيرات المزاجية وتقديم المساعدة في الأعمال المنزلية يقلل من الضغط على الأم.
أخطاء شائعة يجب تجنبها خلال فترة الوحام
تجاهل الأعراض المقلقة.
الإفراط في تناول الأطعمة غير الصحية.
الاستسلام للخرافات الشعبية.
الخرافات المنتشرة حول الوحام وتصحيحها
الخرافة: إذا لم تُلبَّ رغبة الحامل، قد يظهر أثر على شكل الجنين.
الحقيقة: لا يوجد أي دليل علمي على هذا الاعتقاد.
الخرافة: نوع الوحام يدل على جنس الجنين.
الحقيقة: جنس الجنين لا يمكن معرفته إلا عبر الفحوصات الطبية.
متى يجب زيارة الطبيب فورًا؟
عند وجود نزيف مهبلي.
عند القيء المستمر الذي يمنع تناول الطعام.
عند الشعور بدوخة شديدة أو إغماء.
عند وجود آلام قوية في البطن.
خاتمة
الوحام في الشهر الثالث من الحمل جزء طبيعي من رحلة الأمومة، لكنه قد يحمل بعض التحديات التي تحتاج إلى صبر وتفهم من الحامل ومن حولها. معرفة الأعراض الطبيعية والتمييز بينها وبين الأعراض المقلقة يساعد على التعامل مع هذه المرحلة بشكل أفضل، وضمان صحة الأم والجنين. الدعم الأسري، التغذية السليمة، والاستشارة الطبية عند الحاجة هي المفاتيح لتجاوز هذه الفترة بسلام.